بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وأل محمد وعجل فرجهم ياكريم
من حكم أهل البيت (عليهم السلام) فيما يخص الكلام والسكوت
قال النبي (صلى الله عليه وأله) : على العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه ، فإنّ من حسب كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه
قال النبي (صلى الله عليه وأله) : لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسو القلب ، إنّ أبعد النّاس من الله القلب القاسي.
قال الأمام علي (عليه السلام) : قلت أربعاً أنزل الله تصديقي بها في كتابه :
قلت : المرء مخبوء تحت لسانه ، فإذا تكلّم ظهر ، فأنزل الله تعالى : {ولتعرفنّهم في لحن القول} ، قلت :
فمَنْ جهل شيئاً عاداه ، فأنزل الله :
{بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه} ، وقلت :
قدر - أو قيمة - كلّ امرئ ما يُحْسن ، فأنزل الله في قصّة طالوت :
{إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم} ، وقلت :
القتل يقلّ القتل ، فأنزل الله :
{ولكم في القصاص حيوة يا أولي الألباب}.
إنّ آدم (عليه السلام) لما كثُر ولده ، وولد ولده ، كانوا يحدّثون عنده وهو ساكت ، فقالوا : يا أبه ، ما لَك لا تتكلّم ؟!.. فقال :
يا بنيّ !..إنّ الله جلّ جلاله لما أخرجني من جواره عهد إليّ ، وقال :
أقلّ كلامك ترجع إلى جواري .
قال الامام علي (عليه السلام) : الكلام في وثاقك ما لم تتكّلم به ، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه ، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك ، فربّ كلمة سلبت نعمة ولا تقل ما لا تعلم ، فإنّ الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة.
هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه.. ومَن كثُر كلامه كثر خطاؤه ، ومَن كثُر خطاؤه قلّ حياؤه ، ومَن قلّ حياؤه قلّ ورعه ، ومَن قلّ ورعه مات قلبه ، ومَن مات قلبه دخل النار
قال الامام علي (عليه السلام) : وليختزن الرجل لسانه ، فإنّ هذا اللسان جموح بصاحبه ، والله ما أرى عبداً يتّقي تقوى تنفعه حتّى يختزن لسانه ، وإنّ لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإنّ قلب المنافق من وراء لسانه ، لأنّ المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره في نفسه ، فإن كان خيراً أبداه ، وإنّ كان شراً واراه ، وإنّ المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له وماذا عليه
قال النبي (صلى الله عليه وأله) : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه ، وهو نقيّ الراحة من دماء المسلمين وأموالهم ، سليم اللسان من أعراضهم ،
قال الامام علي (عليه السلام) : وإنّا لأمراء الكلام وفينا تنشّبت عروقه ، وعلينا تهدّلت غصونه ، واعلموا - رحمكم الله - أنكم في زمانٍ القائل فيه بالحق قليل ، واللسان عن الصدق كليل ، واللازم للحق ذليل
قال الامام علي (عليه السلام) : العافية عشرة أجزاء : تسعة منها في اعتزال الناس ، وواحدة في الصمت إلاّ عن ذكر الله عزّ وجلّ
قال الامام الرضا (عليه السلام) : من علامات الفقه : الحلم ، والعلم ، والصمت ، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة ، إنّ الصمت يُكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير.
قال الامام الصادق (عليه السلام): كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً ، قولوا للناس حسناً ، واحفظوا ألسنتكم وكفّوها عن الفضول وقبيح القول.
قال الامام الصادق (عليه السلام) : ليس على الجوارح عبادة : أخفّ مؤنة ، وأفضل منزلة ، وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله ولوجهه ، ونشر آلائه ونعمائه في عباده ، ألا ترى أنّ الله عزّ وجلّ لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى ، يكشف ما أسرّ إليهم من مكنونات علمه ، ومخزونات وحيه غير الكلام ....
قال الامام السجاد (عليه السلام) : إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه ، فيقول : كيف أصبحتم ؟.. فيقولون : بخير إن تركتنا ، ويقولون : الله الله فينا ، ويناشدونه ويقولون : إنّما نُثاب بك ونُعاقب بك
قال الامام الباقر (عليه السلام) : إنّ داود قال لسليمان عليهما جميعاً السلام :
يا بنّي !.. إياك وكثرة الضحك ، فإنّ كثرة الضحك تترك العبد حقيراً يوم القيامة .
يا بنّي !.. عليك بطول الصمت إلاّ من خير ، فإنّ الندامة على طول الصمت مرّة واحدة ، خير من الندامة على كثرة الكلام مرّات .
يا بنيّ !..لو أنّ الكلام كان من فضّة ينبغي للصمت أن يكون من ذهب.
قال الامام الصادق (عليه السلام) : لا يزال العبد المؤمن يُكتب محسناً ما دام ساكتاً ، فإذا تكلّم كُتب محسناً أو مسيئاً
قال الامام الصادق (عليه السلام) : النوم راحة للجسد ، والنطق راحة للروح ، والسكوت راحة للعقل
سُئل السجاد (عليه السلام) عن الكلام والسكوت أيّهما أفضل ؟.. فقال (عليه السلام): لكلّ واحدٍ منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل :كيف ذلك يا بن رسول الله (صلى الله عليه وأله) ؟!.. قال :
لأنّ الله عزّ وجلّ ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنّما بعثهم بالكلام ، ولا استحقّت الجنّة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ، ولا تُوقّيت النار بالسكوت ، إنّما ذلك كلّه بالكلام ، ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنّك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت